نونية القحطاني الجزء الخامس
إن كنت مشتاقا لها كلفا بها | شوق الغريب لرؤية الأوطان | |
كن محسنا فيما استطعت فربما | تجزى عن الإحسان بالإحسان | |
واعمل لجنات النعيم وطيبها | فنعيمها يبقى وليس بفان | |
آدم الصيام مع القيام تعبدا | فكلاهما عملان مقبولان | |
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم | إلا كنومة حائر ولهان | |
فلربما تأتي المنية بغتة | فتساق من فرش إلى الأكفان | |
يا حبذا عينان في غسق الدجى | من خشية الرحمن باكيتان | |
لا تقذفن المحصنات ولا تقل | ما ليس تعلمه من البهتان | |
لا تدخلن بيوت قوم حضر | إلا بنحنحة أو استئذان | |
لا تجزعن إذا دهتك مصيبة | إن الصبور ثوابه ضعفان | |
فإذا ابتليت بنكبة فاصبر لها | الله حسبي وحده وكفاني | |
وعليك بالفقه المبين شرعنا | وفرائض الميراث والقرآن | |
علم الحساب وعلم شرع محمد | علمان مطلوبان متبعان | |
لولا الفرائض ضاع ميراث الورى | وجرى خصام الولد والشيبان | |
لولا الحساب وضربه وكسوره | لم ينقسم سهم ولا سهمان | |
لا تلتمس علم الكلام فإنه | يدعو إلى التعطيل والهيمان | |
لا يصحب البدعي إلا مثله | تحت الدخان تأجج النيران | |
علم الكلام وعلم شرع محمد | يتغايران وليس يشتبهان | |
اخذوا الكلام عن الفلاسفة الأولى | جحدوا الشرائع غرة وأمان | |
حملوا الأمور على قياس عقولهم | فتبلدوا كتبلد الحيران | |
مرجيهم يزري على قدريهم | والفرقتان لدي كافرتان | |
ويسب مختاريهم دوريهم | والقرمطي ملاعن الرفضان | |
ويعيب كراميهم وهبيهم | وكلاهما يروي عن ابن أبان | |
لحجاجهم شبه تخال ورونق | مثل السراب يلوح للظمآن | |
دع أشعريهم ومعتزليهم | يتناقرون تناقر الغربان | |
كل يقيس بعقله سبل الهدى | ويتيه تيه الواله الهيمان | |
فالله يجزيهم بما هم أهله | وله الثنا من قولهم براني | |
من قاس شرع محمد في عقله | قذفت به الأهواء في غدران | |
لا تفتكر في ذات ربك واعتبر | فيما به يتصرف الملوان | |
والله ربي ما تكيف ذاته | بخواطر الأوهام والأذهان | |
أمرر أحاديث الصفات كما أتت | من غير تأويل ولا هذيان | |
هو مذهب الزهري ووافق مالك | وكلاهما في شرعنا علمان | |
لله وجه لا يحد بصورة | ولربنا عينان ناظرتان | |
وله يدان كما يقول إلهنا | ويمينه جلت عن الإيمان | |
كلتا يدي ربي يمين وصفها | وهما على الثقلين منفقتان | |
كرسيه وسع السموات العلا | والأرض وهو يعمه القدمان | |
والله يضحك لا كضحك عبيده | والكيف ممتنع على الرحمن | |
والله ينزل كل آخر ليلة | لسمائه الدنيا بلا كتمان | |
فيقول هل من سائل فأجيبه | فأنا القريب أجيب من ناداني | |
حاشا الإله بأن تكيف ذاته | فالكيف والتمثيل منتفيان | |
والأصل أن الله ليس كمثله | شيء تعالى الرب ذو الإحسان | |
وحديثه القرآن وهو كلامه | صوت وحرف ليس يفترقان | |
لسنا نشبه ربنا بعباده | رب وعبد كيف يشتبهان | |
فالصوت ليس بموجب تجسيمه | إذ كانت الصفتان تختلفان | |
حركات السننا وصوت حلوقنا | مخلوقة وجميع ذلك فإني | |
وكما يقول الله ربي لم يزل حيا | وليس كسائر الحيوان | |
وحياة ربي لم تزل صفة له | سبحانه من كامل ذي الشان | |
وكذاك صوت الهنا ونداؤه | حقا أتى في محكم القرآن | |
وحياتنا بحرارة وبرودة | والله لا يعزى له هذان | |
وقوامها برطوبة ويبوسة | ضدان أزواج هما ضدان | |
سبحان ربي عن صفات عباده | أو أن يكون مركبا جسداني | |
أني أقول فأنصتوا لمقالتي | يا معشر الخلطاء والأخوان | |
إن الذي هو في المصاحف مثبت | بأنامل الأشياخ والشبان | |
هو قول ربي آية وحروفه | ومدادنا والرق مخلوقان | |
من قال في القرآن ضد مقالتي | فالعنه كل إقامة وآذان | |
هو في المصاحف والصدور حقيقة | ايقن بذلك أيما ايقان | |
وكذا الحروف المستقر حسابها | عشرون حرفا بعدهن ثماني | |
هي من كلام الله جل جلاله | حقا وهن أصول كل بيان | |
حاء وميم قول ربي وحده | من غير أنصار ولا أعوان | |
من قال في القران ما قد قاله | عبد الجليل وشيعة اللحيان | |
فقد افترى كذبا وأثما واقتدى | بكلاب كلب معرة النعمان | |
خالطتهم حينا فلو عاشرتهم | لضربتهم بصوارمي ولساني | |
تعس العمي أبو العلاء فإنه | قد كان مجموعا له العميان | |
ولقد نظمت قصيدتين بهجوه | أبيات كل قصيدة مئتان | |
والآن أهجو الاشعري وحزبه | وأذيع ما كتموا من البهتان | |
يا معشر المتكلمين عدوتم | عدوان أهل السبت في الحيتان | |
كفرتم أهل الشريعة والهدى | وطعنتم بالبغي والعدوان | |
فلأنصرن الحق حتى أنني | آسطو على ساداتكم بطعاني | |
الله صيرني عصا موسى لكم | حتى تلقف افككم ثعباني | |
بأدلة القرآن ابطل سحركم | وبه ازلزل كل من لاقاني | |
هو ملجئي هو مدرئي وهو منجني | من كيد كل منافق خوان | |
إن حل مذهبكم بأرض أجدبت | أو أصبحت قفرا بلا عمران | |
والله صيرني عليكم نقمة | ولهتك ستر جميعكم أبقاني | |
أنا في حلوق جميعهم عود الحشا | اعيى أطبتكم غموض مكاني | |
أنا حية الوادي أنا أسد الشرى | أنا مرهف ماضي الغرار يماني | |
بين ابن حنبل وابن إسماعيلكم | سخط يذيقكم الحميم الآن | |
داريتم علم الكلام تشزرا | والفقه ليس لكم عليه يدان | |
الفقه مفتقر لخمس دعائم | لم يجتمع منها لكم ثنتان | |
حلم وإتباع لسنة أحمد | وتقى وكف أذى وفهم معان | |
أثرتم الدنيا على أديانكم | لا خير في دنيا بلا أديان | |
وفتحتم أفواهكم وبطونكم | فبلغتم الدنيا بغير توان | |
كذبتم أقوالكم بفعالكم | وحملتم الدنيا على الأديان | |
قراؤكم قد أشبهوا فقهاءكم | فئتان للرحمن عاصيتان | |
يتكالبان على الحرام وأهله | فعل الكلاب بجيفة اللحمان | |
يا اشعرية هل شعرتم أنني | رمد العيون وحكة الأجفان | |
أنا في كبود الأشعرية قرحة | اربو فأقتل كل من يشناني | |
ولقد برزت إلى كبار شيوخكم | فصرفت منهم كل من ناواني | |
وقلبت ارض حجاجهم ونثرتها | فوجدتها قولا بلا برهان | |
والله أيدني وثبت حجتي | والله من شبهاتهم نجاني | |
والحمد لله المهيمن دائما | حمدا يلقح فطنتي وجناني | |
أحسبتم يا اشعرية إنني | ممن يقعقع خلفه بشنان | |
أفتستر الشمس المضيئة بالسها | أم هل يقاس البحر بالخلجان | |
عمري لقد فتشتكم فوجدتكم | حمرا بلا عن ولا أرسان | |
أحضرتكم وحشرتكم وقصدتكم | وكسرتكم كسرا بلا جبران | |
أزعمتم أن القرآن عبارة | فهما كما تحكون قرآنان | |
إيمان جبريل وإيما الذي | ركب المعاصي عندكم سيان | |
هذا الجويهر والعريض بزعمكم | أهما لمعرفة الهدى أصلان | |
من عاش في الدنيا ولم يعرفهما | وأقر بالإسلام والفرقان | |
أفمسلم هو عندكم أم كافر | أم عاقل أم جاهل أم واني | |
عطلتم السبع السموات العلا | والعرش اخليتم من الرحمن | |
وزعمتم أن البلاغ لأحمد | في آية من جملة القرآن | |
يا أشعرية يا جميع من أدعى | بدعا وأهواء بلا برهان | |
جاءتكم سنية مأمونة | من شاعر ذرب اللسان معان | |
خرز القوافي بالمدائح والهجا | فكأن جملتها لدي عواني | |
يهوي فصيح القول من لهواته | كالصخر يهبط من ذرى كهلان | |
إني قصدت جميعكم بقصيدة | هتكت ستوركم على البلدان | |
هي للروافض درة عمرية | تركت رؤوسهم بلا آذان | |
هي للمنجم والطبيب منية | فكلاهما ملقان مختلفان | |
هي في رؤوس المارقين شقيقة | ضربت لفرط صداعها الصدغان | |
هي في قلوب الأشعرية كلهم | صاب وفي الأجساد كالسعدان | |
لكن لأهل الحق شهد صافيا | أو تمر يثرب ذلك الصيحاني | |
وأنا الذي حبرتها وجعلتها | منظومة كقلائد المرجان | |
ونصرت أهل الحق مبلغ طاقتي | وصفعت كل مخالف صفعان | |
مع أنها جمعت علوما جمة | مما يضيق لشرحها ديواني | |
أبياتها مثل الحدائق تجتنى | سمعا وليس يملهن الجاني | |
وكأن رسم سطورها في طرسها | وشي تنمقه أكف غواني | |
والله أسأله قبول قصيدتي | مني وأشكره لما أولاني | |
صلى الإله على النبي محمد | ما ناح قمري على الأغصان | |
وعلى جميع بناته ونسائه | وعلى جميع الصحب والإخوان | |
بالله قولوا كلما أنشدتم | رحم الإله صداك يا قحطاني |
رحمك الله يا قحطاني على هذه القصيدة وادخلك فسيح جناته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق